الابتكار والريادة في الأعمال الإنسانية في سوريا
قراءة في أعمال مؤتمر علمي عقد في مدينة أعزاز
مقدمة
في ظل التحديات الإنسانية الهائلة التي خلفها النزاع المستمر في سوريا، برزت الحاجة إلى مقاربات جديدة ومبتكرة في العمل الإنساني. ومن هذا المنطلق، استضافت مدينة أعزاز مؤتمرًا علميًا تحت عنوان “الابتكار والريادة في الأعمال الإنسانية في سوريا”، بمشاركة نخبة من الباحثين، والممارسين في القطاع الإنساني، وممثلي منظمات المجتمع المدني.
هدف المؤتمر إلى استكشاف سبل دمج مفاهيم الابتكار والريادة في العمل الإنساني، بما يعزز فعالية التدخلات ويضمن استدامتها، لا سيما في البيئات الهشة والمعقدة مثل الشمال السوري.
من الإغاثة إلى الحلول المستدامة
أشار الباحثون إلى أن الاعتماد على الإغاثة الطارئة لم يعد كافيًا، بل بات من الضروري الانتقال نحو حلول تنموية مبتكرة تُمكّن المجتمعات من الاعتماد على ذاتها. ونوقشت تجارب ريادية محلية شملت المشاريع الصغيرة، والمبادرات المجتمعية القائمة على إعادة التدوير، أو التعليم المهني المرتبط باحتياجات السوق.
التكنولوجيا والرقمنة في العمل الإنساني
قدم المؤتمر نماذج لاستخدام التقنيات الرقمية في تحسين فعالية المساعدات، مثل أنظمة تسجيل المستفيدين، وتحليل البيانات لتوجيه الدعم بدقة. كما طُرحت مبادرات تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقدير الاحتياجات، أو أدوات التواصل الرقمي لتوعية المجتمع.
تمكين المرأة والشباب عبر الريادة
تم التأكيد على أن ريادة الأعمال تُعد وسيلة فعالة لتمكين الفئات المتأثرة بالنزاع، خصوصًا النساء والشباب. واستُعرضت مشاريع ناجحة أطلقتها نساء سوريات في مجالات الزراعة، الصناعة المنزلية، والتعليم، رغم ظروف النزوح وغياب الاستقرار.
تحديات الابتكار في بيئة الأزمات
ناقش المشاركون التحديات التي تعيق تطبيق مفاهيم الابتكار في السياق السوري، وأبرزها:
نقص التمويل الموجه للمشاريع الريادية.
ضعف البنية التحتية التكنولوجية.
غياب السياسات الداعمة لريادة الأعمال في المجال الإنساني.
توصيات المؤتمر
تعزيز الاستثمار في ريادة الأعمال المجتمعية كمسار بديل للمساعدات التقليدية.
دعم المبادرات المحلية عبر الحاضنات والمسرّعات الإنسانية.
بناء قدرات العاملين في المجال الإنساني على التفكير الابتكاري والتخطيط الريادي.
إنشاء قاعدة بيانات مشتركة بين المنظمات لابتكار تدخلات قائمة على الأدلة.
خاتمة
برهن مؤتمر “الابتكار والريادة في الأعمال الإنسانية” في أعزاز على أن التحول من الاستجابة الطارئة إلى التنمية المستدامة يمرّ عبر الابتكار المحلي، وتمكين المجتمعات من صناعة مستقبلها بوسائل جديدة وجريئة. وتبقى هذه اللقاءات العلمية فرصة مهمة لبناء وعي جديد بأهمية التفكير الريادي في العمل الإنساني داخل سوريا.